عبد الله التجانى عضو نشيط جدا
عدد الرسائل : 53 العمر : 49 كيف تعرفت علينا : قوقل تاريخ التسجيل : 24/01/2012
| موضوع: جواز التوسل بالنبىّ صلى الله عليه وسلم والصالحين ـ 2 ـ الأربعاء 25 يناير - 14:44 | |
| أدلة جواز التوسل فى الدُعـاء أما التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم كأنَّ يقول السائل اللهم أسألك بالنبى صلى الله عليه وسلم وهو مايسمى التوسل بالذوات ، فأنكر البعض ذلك وشدد الإنكار حتى رمى من يفعله بالبدعه والشرك ونحوه والحق أن الشريعه الإسلاميه تؤيد دعوى جواز التوسل بالذوات وإليك ذلك : 1/ القـُــــرآن الكريم : قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إتَّقُوا اللَّهَ وَإبْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ } جاء فى القرطبى : الوسيلة هي القربة عن أبي وائل والحسن ومجاهد وقتادة وعطاء والسد وإبن زيد وعبدالله بن كثير ، وهي فعيلة من توسلت إليه أي تقربت ، ويُقال : منه سلت أسأل أي طلبت ، وهما يتساولان أي يطلب كل واحد من صاحبه ؛ فالأصل الطلب ؛ والوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب بها ، وفى الطبرى : و " الوسيلة " : هي " الفعيلة " من قول القائل : " توسلت إلى فلان بكذا " ، بمعنى : تقرَّبت إليه . أهـ قال السيد د. علوى المالكى رحمه الله : ولفظ الوسيله عام فى الآيه كما ترى فهو شامل للتوسل بالذوات الفاضله من الأنبياء والصالحين فى الحياة الدنيا وبعد الممات وبالإتيان بالأعمال الصالحه على الوجه المأمور به وللتوسل بها بعد وقوعها . أنتهـى فمن قال بأن لفظ الوسيله فى الآيه يؤخذ منه جواز التوسل بالأعمال الصالحه كما فى حديث الغار وتوسل الأخ بدعاء أخيه كأن يسأله أن يدعو الله له ، قُلنا أين دليلكم الذى به خصصتم التوسل بما ذكرتم فإنه لا تخصيص بغير مُخصص عند أهل العلم . 2/ السُــنــــــــه النــبـــويــــــــــــــه : أ - حديث توسل الأعمى بالنبى صلى الله عليه وسلم : روى عن النبى صلى الله عليه وسلم فى التوسل به حديث صحيح نصه : عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه ((( عثمان بن حنيف ))) أن أعمى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ادع الله أن يكشف لي عن بصري قال أوأدعك قال يا رسول إنه شق علي ذهاب بصري قال فانطلق فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك أن يكشف لي عن بصري شفعه في وشفعني في نفسي فرجع وقد كشف له عن بصره ( رواه الترمذى فى السنن والنسائى واللفظ له وإبن ماجه وإبن خزيمه فى صحيحه والإمام أحمد فى مسنده وأخرجه الحاكم فى المستدرك وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه والبيهقى فى الدلائل وقال بعدأن أورد الحديث ورويناه في كتاب الدعوات بإسناد صحيح عن روح بن عبادة عن شعبة ففعل الرجل فبرأ والطبرانى فى الصغير بزياده أوردها لك لاحقاً ثم قال و الحديث صحيح ) ولمن كان متعصباً فارغ الذهن لايقنع إلا بقول قومه أورد الحديث الألبانى فى الصحيحه 1279 . وقال الترمذى فى أبواب الدعوات آخر السنن هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو غير الخطمي . إنتهى وقال د.علوى المالكى ص 70 : والصواب أن أباجعفر هو الخطمى المدنى كماجاء مصرحا به فى روايات الطبرانى والحاكم والبيهقى وزاد الطبرانى فى المعجم الصغير أن أسمه عمير ابن يزيد وأنه ثقه قال العلامه المحدث الغمارى فى رسالته ( إتحاف الاذكياء) وليس من المعقول أن يُجمع الحفاظ على تصحيح حديث فى سنده مجهول خصوصاً الذهبى والمُنذرى والحافظ . إنتهى ولمن لايقنع إلا بقول قومه : قال إبن تيميه فى قاعده جليله ص 135 : هكذا وقع فى الترمذى وسائر العلماء قالوا هو أبوجعفر الخطمى وهو الصواب أهـ . وقال فى رواية الترمذى وقد روى الترمذى حديثاً صحيحاً عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه علم رجلا أن يدعو فيقول...الخ . إذاً فالحديث صحيح ولامطعن فيه وهو حُجه فى أن التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم سنه علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابه ونحن على الأثر سائرين، وكما قال د. علوى المالكى رحمه الله فيمن حاول رد بعض أحاديث التوسل وقد طنطن ودندن بعضهم وبذل جهده فى ردها بكل ماأوتى من قوه وحاول وحاور وجادل وقام وقعد وأرغى وأزبد فى هذا الموضوع ، وكل ذلك لافائده منه فقد قال ساداته من العلماء الكبار كلمتــــــهم وهم أوفر منه عقلا وأوسع علماً وأطول باعاً وأعمق فهما وأكثر نوراً وتقوى وإخلاص ، مثل الإمام أحمد بن حنبل .... الخ ب- التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم بعد إنتقاله : روى الطبرانى فى معجمه : حدثنا طاهر إبن عيسى بن قيرس المصري التميمي حدثنا أصبغ بن الفرج حدثنا عبد الله بن وهب عن شبيب بن سعيد المكي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي المدني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه فقال له عثمان بن حنيف ائت الميضأة فتوضأ ثم إئت المسجد فصلي فيه ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه و سلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك ربي جل وعز فيقضي لي حاجتي وتذكر حاجتك ورح إلي حتى أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال له عثمان ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة وقال حاجتك فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة وقال ما كانت لك من حاجة فأتنا ثم ان الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له جزاك الله خيراً ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في فقال عثمان بن حنيف والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه و سلم وأتاه ضرير :.... ذكر حديث النسائى ثم قال: (فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضرر قط ). ثم قال الطبرانى رحمه الله : لم يروه عن روح بن القاسم إلا شبيب بن سعيد أبو سعيد المكي وهو ثقة وهو الذي يحدث عن بن أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس بن يزيد الأبلي وقد روى هذا الحديث شعبة عن أبي جعفر الخطمي وإسمه عمير بن يزيد وهو ثقة تفرد به عثمان بن عمر بن فارس بن شعبة والحديث صحيح وروى هذا الحديث عون بن عمارة عن روح بن القاسم عن محمد بن النكدر عن جابر رضي الله عنه وهم فيه عون بن عمارة والصواب حديث شبيب بن سعيد قلت : ((( ونقل تصحيح الطبرانى الحافظ المنذرى فى الترغيب ج 1 كتاب النوافل باب الترغيب فى صلاة الحاجه قال : رواه الطبرانى ، وقال بعد ذكره والحديث صحيح ، ونقله الهيثمى فى مجمع الزوائد بعد إيراد الحديث فقال : روى الترمذي وإبن ماجة طرفاً من آخره خالياً عن القصة وقد قال الطبراني عقبه : والحديث صحيح بعد ذكر طرقه التي روي بها))). قلت وأورد هذا الحديث بطوله البيهقى فى دلائله أخبرنا أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد رحمه الله أنبأنا الإمام أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي القفال قال أنبأنا أبو عروبة حدثنا العباس بن الفرج حدثنا إسماعيل بن شبيب حدثنا أبي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر المديني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف وقال بعد روايته ـ وقد رواه أحمد بن شبيب عن سعيد عن أبيه أيضا بطوله أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد فذكره بطوله وهذه زيادة ألحقتها به في شهر رمضان سنة أربع وأربعين . وقال إبن تيميه فى فتاويه طبعة دار الوفاء 2005 ج1/ ص275 : وروى الحديث بغير قصة سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه إبن أبى خيثمه فى تاريخه حديث حماد بن سلمه فقال : حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا حماد إبن سلمه حدثنا ابوجعفر الخطمى عن عماره بن خزيمه عن عثمان بن حنيف أن رجلاً أعمى ...... وتفرد بزياده فى آخر الحديث (وإن كانت حاجه فأفعل مثل ذلك ) . ج/ حديث التوسل بالأعمال : عن عبدالله بن عمر رضىَّ الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : بينما ثلاثة نفر يتمشون أخذهم المطر فأووا إلى غار في جبل فانحطت علىّ فمِّ غارهم صخرة من الجبل فأنطبقت عليهم فقال بعضهم لبعض أنظروا أعمال عملتموها صالحة لله فادعوا الله تعالى بها لعل الله يفرجها عنكم ، فقال أحدهم اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران وامرأتي ولي صبية صغار أرعى عليهم فإذا أرحت عليهم حلبت فبدأت بوالدي فسقيتهما قبل بني وأنه نأىَّ بي ذات يوم الشجر فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما فحلبت كما كنت أحلب فجئت بالحلاب فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أسقي الصبية قبلهما والصبية يتضاغون عند قدمي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منه فرجة نرى منه السماء ففرج الله منه فرجة فرأوا منها السماء، وقال الآخر اللهم إنه كان لي أبنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال من النساء وطلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار فتعبت حتى جمعت مائة دينار فجئتها بها فلما وقعت بين رجليها قالت يا عبدالله اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه فقمت عنها فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة ففرج لهم ، وقال الآخر اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق أرز فلما قضى عمله قال أعطني حقي فعرضت عليه فرقه فرغب عنه فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا ورعائها فجاءني فقال اتق الله ولا تظلمني حقي فقلت اذهب إلى تلك البقر ورعائها فخذها فقال اتق الله ولا تستهزئ بي فقلت إني لا أستهزئ بك خذ ذلك البقر ورعائها فأخذه فذهب به فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا ما بقي ففرج الله ما بقي.إنتهى ، والحديث فى الصحيحين وبوبه الإمام مسلم فى صحيحه باب// قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال // ولاإمام إبن حبان فى صحيحه باب // ذكر الخبر الدال على أن دعاء المرء بأوثق عمله قد يرجى له إجابة ذلك الدعاء // والحديث يُجوّز التوسل بصالح الأعمال رجاءاً لإجابة الدعاء ويُستفاد من الحديث جواز التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم على القياس إذ أنّ النبى صلى الله عليه وسلم هو عند الله خيرٌ من عملك فكيف يجوز التوسل لله بما هو دون وتـُرجىّ إجابة الدعاء به : وهو أن تقول اللهم أسألك بعملى الفلانى أن تفعل لى كذا وكذا ، ولاتُرجىّ إجابة الدُعاء بمن هو عند الله أعظم وأفضل من عملك الذى توسلت به بل هو السبب والدال لك على كُل عمل يُرضىّ الله عزَّ وجلَّ تتوسل به لإجابة دعائك، وإليك سؤال : هل تعتقد أن عملك هذا المُتوسّل به لله أفضل عند الله عز وجل من نبيك ؟ ، إعلم أنَّ الله عز وجل قال عن الأعمال : " إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا " الإسراء ( 7 ) ، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال السيوطى فى كتابه الخصائص : أخرج ابن راهويه في مسنده وابن أبي شيبة في المصنف عن مكحول قول النبي {صلى الله عليه وسلم} ( يا يهودي آدم صفيَّ الله وإبراهيم خليل الله وموسى نجيَّ الله وعيسى روح الله وأنا حبيب الله ..) وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابو نعيم عن ثابت البناني قال قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ( موسى صفيَّ الله وأنا حبيب ربه ) ، فكيف ترجو النفع من التوسل بعملك الذى قال الله عنه إن أحسنت فلنفسك ، ولا ترجو ذلك من التوسل بحبيب الله أيهم أقرب للإجابه وأيهم أحق بالتوسل به ، وإن كنت تعتقد أن الله عز وجل يُجيبك لكثرة ثواب عملك ؟ فثواب عملك وكل المسلمين هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم القائل كما جاء فى سنن الترمذى / باب ما جاء فيمن دعا إلى هدى فاتُبع( من دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور من يتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا )). فأفـهـم تغنم . د - حديث برحمتك أستغيث : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للسيدة فاطمة عليها السلام: ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به ؟ أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين (( رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير عثمان بن موهب وهو ثقة ، وأخرجه النسائي في اليوم والليلة والحاكم من حديث أنس وقال صحيح على شرط الشيخين)) . فإذا قلت اللهم أسألك بنبيك المصطفى سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إقضِ حاجتي، فكأنك تقول: اللهم أسألك برحمتك سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قال تعالى:{وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين} وقال عليه الصلاة والسلام: (( إنما أنا رحمةٌ مُهداة )) ( رواه الحاكم ). شرح حديث التوسل قال المناوى فى فيض القدير : (اللّهم إني أسألك) أطلب منك (وأتوجه إليك بنبيك محمد) صرح بإسمه مع ورود النهي عنه تواضعاً لكون التعليم من جهته (نبي الرحمة) أي المبعوث رحمة للعالمين (يا محمد إني توجهت بك) أي إستشفعت بك (إلى ربي) قال الطيبي: الباء في بك للإستعانة وقوله إني توجهت بك بعد قولك أتوجه إليك فيه معنى قوله تعالى {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} (في حاجتي هذه لتقضى لي) أي ليقضيها ربي لي بشفاعته، سأل اللّه أولاً أن يأذن لنبيه أن يشفع له ثم أقبل على النبي ملتمساً شفاعته له ثم كر مقبلاً على ربه أن يقبل شفاعته والباء في ( بنبيك ) للتعدية وفي بل للإستعانة وقوله (اللّهم فشفعه في) أي أقبل شفاعته في حقي ولتقضى عطف على أتوجه إليك بنبيك أي إجعله شفيعاً لي فشفعه وقوله اللّهم معترضة وما ذكر من أن سياق الحديث هو هكذا هو ما في نسخ الكتاب ووجهه ظاهر وفي المشكاة كأصلها لتقضي لي حاجتي وعليه قال الطيبي: إن قلت ما معنى لي وفي؟ قلت معنى لي كما في قوله تعالى {رب اشرح لي صدري} أجمل أولاً ثم فصل ليكون أوقع في النفس، ومعنى في كما في قول الشاعر: * يجرح في عراقيبها نصلي * أي أوقع القضاء في حاجتي وأجعلها مكاناً له ونظير الحديث قوله تعالى {وأصلح لي في ذريتي} إنتهى قال ابن عبد السلام: ينبغي كون هذا مقصوراً على [ص 135] النبي لأنه سيد ولد آدم وأن لا يقسم على اللّه بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته وأن يكون مما خص به تنبيهاً على علو رتبته وسمو مرتبته. قال السبكي: ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي إلى ربه ولم ينكر ذلك أحد من السلف(1) ولا من الخلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع ما لم يقله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثله انتهى وفي الخصائص يجوز أن يقسم على اللّه وليس به ذلك لأحد ذكره ابن عبد السلام لكن روى القشيري عن معروف الكرخي أنه قال لتلامذته إذا كان لكم إلى اللّه حاجة فأقسموا عليه به فإني الواسطة بينكم وبينه الآن وذلك بحكم الوراثة عن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم.
إجماع أُمة النبى على جواز التوسل العمل به وأول من أنكر التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم إعلم أخى المسلم إن التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم هو إجماع أمة النبى صلى عليه وسلم إذ أن أول من إبتدع القول بعدم جواز التوسل لله بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إبن تيميه الحرانى قال المناوى فى فيض القدير ج 2 ص 170 : قال السُبكى ويحسن التوسل والإستعانه والتشفع بالنبى صلى الله عليه وسلم الى ربه ، ولم يُنكر ذلك أحد من السلف ولا الخلف ، حتى جاء إبن تيميه فأنكر ذلك ، وعدل عن الصراط المستقيم ، وأبتدع مالم يقله عالم قبله ، وصار بين أهل الاسلام مثله . إنتهى قال الهيثمى فى كتابه الجوهر المُنظم / ص 148 / طبعة دار جوامع الكلم: من خُرافات إبن تيميه التى لم يقلها عالم قبله ، وصار بين علماء الإسلام مثله أنه أنكر الإستغاثه والتوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم ، وليس ذلك كما أفتى ، بل التوسل حسن فى كل حال قبل خلقه وبعد خلقه فى الدنيا والآخره .إنتهى وبذلك تعلم أن الأُمه مُجمعه على جواز التوسل بالحبيب صلى الله عليه وسلم بغير نكير منذ قول الإمام أحمد رضى الله عنه إنى لأتوسل فى دعائى بالنبــــــــى صلى الله عليه وسلم إلى القرن الثامن الهجرى أى خمسائة سنه بغيرنكير وإجماع أمة النبى صلى الله عليه وسلم حُجه وهو من مصادر التشريع عند العلماء وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم : " إن الله قد أجار أمتي من أن تجتمع على ضلالة " وهو حسن .
معنـــــــى الجــــــاه قال الألوسى فى روح البيان تفسير قوله عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إتَّقُوا اللَّهَ وَإبْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ } : ويُراد من الجاه معنى يرجع إلى صفة من صفاته تعالى مثل أن يراد به المحبة التامة المستدعية عدم رده وقبول شفاعته فيكون معنى قول القائل : إلهى أتوسل بجاه نبيك صلى الله عليه و سلم أن تقضى لى حاجتى إلهى إجعل محبتك له وسيلة فى قضاء حاجتى ولافرق بين هذا وقولك : إلهى أتوسل برحمتك أن تفعل كذا إذ معناه أيضا آلهى إجعل رحمتك وسيلة فى فعل كذا بل لاأرى بأساً أيضا بالإقسام على الله تعالى بجاهه صلى الله عليه و سلم بهذا المعنى والكلام فى الحرمة كالكلام فى الجاه ولايجرى ذلك فى التوسل والإقسام بالذات البحث نعم لم يعهد التوسل بالجاه والحرمة عن أحد من الصحابة رضى الله تعالى عنهم ولعل ذلك كان تحاشياً منهم عما يخشى أن يعلق منه فى أذهان الناس إذ ذاك وهم قريبو عهد بالتوسل بالأصنام شىء ثم اقتدى بهم من خلقهم من الائمة الطاهرين وقد ترك رسول الله صلى الله عليه و سلم هدم الكعبة وتأسيسها على قواعد إبراهيم لكون القوم حديثى عهد بكفر كما ثبت ذلك فى الصحيح وهذا الذى ذكرته إنما هو لدفع الحرج عن الناس والفرار من دعوى تضليلهم كما بزعمه البعض فى التوسل بجاه عريض الجاه صلى الله عليه و سلم لا للميل إلى أن الدعاء كذلك أفضل من إستعمال الأدعية المأثورة التى جاء بها الكتاب وصدحت بها ألسنة السنة فانه لايستريب منصف فى أن ماعلمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه و سلم ودرج عليه الصحابة الكرام رضى الله تعالى عنهم وتلقاه من بعدهم القبول أفضل وأجمع وأنفع وأسلم . إنتهى ما أردنا نقله . الرد على شُبهات المُنكرين الإستدلال بحديث الأعمى قد أنكر البعض التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم وردَّ الأحاديث الوارده فى ذلك وحاوّر وجادل مع كل ما ذكرنا لك مِن أدله وأدعو دعاوى منها : 1/ قــــــــالـو : فى حديث عثمان بن حنيف وزياداته مع الرجل صاحب الحاجه عند الخليفه الراشد عثمان بن عفان رضى الله عنه وإرشاده الى أن يتوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم بعد إنتقال المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ظن عُثمان إبن حنيف أن هذا مشروع ولفظ الحديث يُناقض ذلك ويُفيد أن النبى صلى الله عليه وسلم داعياً وشافعاً لا مُتوسلاً به إلى الله وهذا يكون فى حياته وليس بعد مماته وإستدلو بقول النبى صلى الله عليه وسلم للداعى أن يقول ( اللهم شفعه فىَّ ) . ويجاب عن ذلك : أقول سبحان الله كيف يُتهّم الصحابى الحاضر للموقف المُشاهد له بعدم الفهم للموقف ممن لم يحضر هذا الموقف وسوف أبين لك بحول الله عز وجل وإمداده فساد هذا القول من عدة وجوه : الــوجـه الأول : أن أهل العلم والدرايه فهمو أن هذا الحديث فى التوسل ودلالة ذلك الأبواب التى بوبوا فيها الحديث إذ أن أهل الحديث يُدرجون تحت كل باب مايتعلق به ويُرشد إليه من الأحاديث : أورد الحديث الترمذى فى سننه باب الدعوات والنسائى فى سننه كتاب عمل اليوم والليلة والحاكم فى المستدرك / كتاب الدعاء والتكبير والتهليل والتسبيح والذكر والبيهقى فى كتابه الدعوات وفى دلائل النبوه/ باب ماجاء في تعليمه الضرير ما كان فيه شفاؤه حين لم يصبر وما ظهر في ذلك من آثار النبوة ، . وإبن خزيمه فى صحيحه باب صلاة الترغيب والترهيب وإبن ماجه فى سننه باب ما جاء في صلاة الحاجة والحافظ الهيثمى فى مجمع الزوائد باب صلاة الحاجه والنووى فى كتابه الأذكار باب أذكار صلاة الحاجه والحافظ المُنذرى فى الترغيب والترهيب كتاب النوافل باب صلاة الحاجه ووافقه فى التبويب الحافظ إبن حجر العسقلانى فى كتابه مختصر ترغيب وترهيب المنذرى وإبن السُنى فى كتابه عمل اليوم والليله فصل دعاء الحاجة والحافظ الدمياطى فى المتجر الرابح باب ثواب صلاة الحاجه وتبويب الحديث فى أبواب الدعوات وعمل اليوم والليله وصلاة الحاجه وباب ماجاء في تعليمه الضرير ما كان فيه شفاؤه حين لم يصبر و صلاة الترغيب والترهيب وصلاة النافله ودعاء الحاجه يدل على أنهم صنفوه من ضمن الأدعيه المأثوره التى يجوز للمسلم عملها فكيف يُرجّح قول من شذ فهمه وغلب عليه وهمه على هؤلاء الأعلام حملة السنه رواه وشُراح . . الــوجـه الثانى : أن النبى صلى الله عليه وسلم لوكان هو الداعى فما معنى قوله صلى الله عليه وسلم للأعمى : ( فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل اللهم إني ..) فقد وردت فى السنه النبويه عدة نصوص يأتى صاحبها للنبى صلى الله عليه وسلم ويسأل الدعاء مثل الذى جاء فى الصحيح عن من طلب الإستسقاء ومثل المرأه التى تُصرع ولم يقل صلى الله عليه وسلم لأحدهم إذهب وأفعل كذا أوتوضأ أو أدعو بل كان يدعو لهم فإن دعائه صلى الله عليه وسلم لايحتاج لمن يدعو معه أو يصلى حتى يُقبل وبهذا يُجاب على من قال أن النبى وعد الأعمى بالدعاء كما جاء فى رواية الترمذى قول النبى صلى الله عليه وسلم للأعمى : ( إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك قال فادعه قال فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو .... ) الواضح أن النبى صلى الله عليه وسلم عدل عن الدعاء بأن يعلم الأعمى مايدعو به وليعلم أمته صلى الله عليه وسلم فلو دعى النبى لعلم إبن حنيف الحاضر ونقل ذلك لنا ولم يرد فى كل الروايات أن النبى دعى للأعمى فلا نرد اليقن من الحاضر للموقف بظن المنقول له علماً بأن هذا الفهم يُخالف فهوم علماء الحديث المنقوله سالفاً حسب تبويبهم له فى مصنفاتهم . الــوجـه الثالث: فهم سيدنا عثمان بن حنيف الحاضر المُشاهد للمجلس فكيف يتوهم أحد أن النبى صلى الله عليه وسلم هو الذى دعى للأعمى من عنده فلو حصل ذلك لكان الصحابى الحاضر أولى بالنقل مع الإشاره الى أن المجلس لم ينفض حتى يتحجج أحد بأن النبى صلى الله عليه وسلم دعى للأعمى بعد إنصراف سيدنا عثمان بن حنيف ويفيد هذا قوله الذى رواه الحاكم من طريق أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي حدثني أبي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر المدني وهو الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه رضى الله عنه فوالله ماتفرقنا وماطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأن لم يكن به ضر قط ) قلت : وقول إبن حنيف رضى الله عنه : ماتفرقنا: أى لم نغادر مجلسنا وماطال بنا الحديث: أى لم نمكث فى مجلسنا كثيراً بعد خروج الأعمى من النبى صلى الله عليه وسلم . حتى دخل علينا الرجل كأن لم يكن به ضر قط :أى حتى دخل على مجلسنا الأعمى صحيح البصر فلو دعى النبى صلى الله عليه وسلم للأعمى بعد خروجه لعلم إبن حنيف الجالس معه فإن ابن حنيف صرح بأنه لم يُغادر مجلس النبى صلى الله عليه وسلم كما ثبت لك فأفهم تغنم . ولو أصر المُعترض قلنا له نحن مع فهم عثمان إبن حنيف ولانرده بظنك ومالى لاأراك سلفياً فى هذه المسأله وترد فيها قول السلف بظنك ورأيك . الــوجـه الرابع: تراجُع إبن تيميه صاحب هذا الفهم وقوله بجواز التوسل والتشفع برسول الله صلى الله عليه وسلم قال إبن كثير رحمه الله فى البدايه والنهايه أحداث سنة 707 هـ : قال البرزالي: وفي شوال منها شكى الصوفية بالقاهرة على الشيخ تقي الدين وكلموه في ابن عربي وغيره إلى الدولة، فردوا الأمر في ذلك إلى القاضي الشافعي، فعقد له مجلس وادعى عليه ابن عطاء بأشياء فلم يثبت عليه منها شئ، لكنه قال لا يستغاث إلا بالله، لا يستغاث بالنبي إستغاثة بمعنى العبارة، ولكن يتوسل به ويتشفع به إلى الله فبعض الحاضرين قال ليس عليه في هذا شئ، ورأى القاضي بدر الدين بن جماعة أن هذا فيه قلة أدب .أنتهـى وقد نقل ذلك إبن رجب فى زيل طبقات الحنابله ترجمة إبن تيميه وإبن عبد الهادى فى العقود الدُريه . قلت والقاضى بدر الدين بن جماعه قال عنه إبن كثيرفى البدايه والنهايه / وفيات عام 733 هـ: إبن جماعة قاضي القضاة العالم شيخ الإسلام بدر الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ الإمام الزاهد ........ إلى أن قال : وسمع الحديث وإشتغل بالعلم، وحصل علوماً متعددة، وتقدم وساد أقرانه، وباشر تدريس القيمرية، ثم وليّ الحًُكم والخطابة بالقدس الشريف، ثم نقل منه إلى قضاء مصر في الأيام الأشرفية، ثم باشر تداريس كباريها في ذلك الوقت، ثم ولي قضاء الشام وجمع له معه الخطابة ومشيخة الشيوخ وتدريس العادلية وغيرها مدة طويلة، كل هذا مع الرياسة والديانة والصيانة والورع، وكف الاذى، وله التصانيف الفائقة النافعة ..... إلخ كلامه رحمه الله. إنتهى وبهذا تعلم أخى أن إبن تيميه الذى تعتمد أنت على دفُوعاته ومُجادلاته فى موضوع التوسل قد تراجع عنها وبذلك يكون ما قاله كأن لم يكن فإن العالم قد يقول بقول فى مسأله ثم يتراجع عنه بعد إدراكه أن الصواب غير ما قال ولايصح أن يُنسب له القول الأول بعد تراجُعه إلا أن يثبت تراجعه مره أخرى لقوله الأول وهذا غير متوفر فى هذه القضيه فإنه قال بعدم جواز التوسل والإستغاثه برسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد شكايته للسلطان ومناظرته قال بجواز التوسل والتشفع بالنبى صلى الله عليه وسلم ولم يقر بالإستغاثه بمعنى العباده . فإن قلت بقوله القديم فأنسبه لنفسك لا لإبن تيميه إن كانت لك الأمانه العلميه . . الــوجـه الخامس : قضاء الله تعالى لحاجة الداعى يدل على صحة التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لو أنه كان شركاً وبدعةً كما يدعى المُنتقد لما كانت الإجابه ، ولقد نقلتُ لك قول إبن الصلاح آنفاً وسوف تأتيك قصة التوسل بالبخارى رحمه الله. وبهذا يتضح لك لماذا قال ابن حنيف رضى الله عنه لصاحب الحاجه عند الخليفه بن عفان رضى الله عنه أذهب وتوضأ وأدعو بالدعاء الذى أمر رسول الله الأعمى أن يدعو به ذلك لأن الصحابى إبن حنيف شهد ذلك وعلم وفهم أنه توسل بالنبى صلى الله عليه وسلم ويصلح بعد وفاته وقد نقل ذلك إلينا بسند قال فيه أهل العلم صحيح وهذا مانعتقده جواز التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم بنص صحيح سُنه من سُنن الإسلام التى سناها رسول الله صلى الله عليه وسلم قــــــــالـو : أن أهل العلم بوبو حديث الأعمى فى معجزات النبى صلى الله عليه وسلم مثل البيهقى فى الدلائل . ويجاب على ذلك بـ : أن ما تزعمونه فتدليس سبقكم إليه شيخكم إبن تيميه فى كتابه قاعده جليله الذى هو من ضمن الفتاوى الكبرى ولكشف الغطاء عن هذا التدليس هُناك سؤال تحت أى باب أورد البيهقى هذا الحديث فى كتابه دلائل النبوه ؟ الإجابه أورده تحت مسمى ( باب ما في تعليمه الضرير ما كان فيه شفاؤه حين لم يصبر وما ظهر في ذلك من آثار النبوة ) إذاً فالبيهقى أورد الحديث فى دلائله إلاّ أنه يقول أن النبى e علـّم الأعمى دعاء كان فيه شفائه عندما لم يصبر ، وأنتم تقولون أن النبى e هو الذى دعى للأعمى فأين الثرى من الثريا، وبهذا يتضح لك التدليس وما حاولوا إيهامك به . (أما قول البيهقى رحمه الله وماظهر فى ذلك من آثار النبوه ) يعنى أنَّ تعلّيم دعاء يشُّفى المريض به فى الحين يدُل على صِحة نبوته ، وقد أورد البيهقى فى دلائله حتى كرامات لمن بعد الصحابه وعدها دلاله على صحة نبوة النبى e من حيث أن المُتبِع لنبى e لايحدث له الإكرام من الله عزّ وجلّ بخرق العاده إلا إن كان ذاك النبى e الذى إتبعه حقاً رسول من عند الله عزّ جلّ فأفهم تغنم ولايستخفنك المتنطعين . الرد على شُبهات المُستدلين بحديث توسل سيدنا عمر بالعباس رضى الله عنهما على عدم جواز التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم قـــالـو : أن توسل سيدنا عمر رضى الله عنه بسيدنا العباس رضى الله عنه يدل على عدم جواز التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم بعد مماته وإلا لتوسل سيدنا عمر بالنبى صلى الله عليه وسلم ولم يعدل عن ذلك بأن يتوسل بالعباس ، وللسيد علوى المالكى رحمه الله فى هذا الأمر كلام نفيس مفاهيم يجب أن تصحح / طبعة جوامع الكلم (ص 94 ص 93) إليك مُلخصه: (( وكان الحق لسيدنا عمر رضى الله عنه فى أن يؤم الناس مستسقياً لهم لكنه تأخر عن حقه وقدم العباس للإستسقاء تعظيماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتفخيماً لأهله وتقديماً لعم االنبى صلى الله عليه وآله وسلم على نفسه مُبالغه فى التوسل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أستطاع ، وحث الناس على إتخاذ العباس وسيله الى الله عز وجل وكذلك إتخذه هو وسيله بتقديمه ليدعو ليقيمه مقام رسول الله e حين كان حياً فاستسقى لهم بالمصلى ليكون أبلغ فى تعظيمه والإشاده بفضل أهل بيته ، وبين سيدنا عمر رضى الله عنه ذلك فى دعائه حيث قال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ... يعنى كنا نتوسل إليك بخروجه بالناس الى المصلى ودعائه لهم وصلاته بهم ، وإذ قد تعذر ذلك علينا بوفاته عليه السلام فانى أقدم من هو من أهل بيته ليكون الدعاء أرجى للقبول وأرجى للإجابه ........ فالقضيه فى الإستسقاء ولا صلة لها بالتوسل الذى نحن بصدد الكلام عنه والذى وقع فيه الخلاف وهذا أمر يعرفه كل ذى عينين لأن القصه تدل على هذا بوضوح فقد أصابهم القحط واحتاجو الى إقامة الإستغاثه بصلاة الإستسقاء وهذا يحتاج الى إمام يصلى بهم ويدعو لهم ويقيم هذه الشعيره الإسلاميه التى كان يقيمها النبى صلى الله عليه وسلم لما كان فى دار التكليف كغيرها من شعائر الدين من إمامه وجُمعه وخُطبه فهى وظائف تكليفيه لايقوم بها أهل البرزخ لإنقطاع التكليف .... أنتهى بإختصار قولـهـم : بأن توسل سيدنا عمر رضى الله عنه بالعباس رضى الله عنه يدل على عدم جواز التوسل بالذوات لذلك توسل سيدنا عمر بدعاء العباس . ويُجاب عن ذلك بـالآتى : نص الحديث فى البخارى : ( عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَحَطُوا إسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا قَالَ فَيُسْقَوْنَ ) . أولاً :إعلم أخى أن عدول أو ترك سيدنا عُمر رضى الله عنه لفعل مُعين لايُفيد التحريم ولا الكراهه ، فلا يستطيع أحد أن يقول التوسل لايجوز لعدم فعل سيدنا عمر له وتوسله بالعباس ، وإليك الدليل : أ- جاء فى طبقات إبن سعد/ باب ذكر إستخلاف سيدنا عمر قال : (أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني الثوري عن عن مطرف عن الشعبي ان عمر خرج يستسقي فقام على المنبر فقرأ هذه الآيات إستغفروا ربكم إنه كان غفاراً ويقول إستغفروا ربكم ثم توبوا إليه ثم نزل فقيل يا أمير المؤمنين ما منعك أن تستسقي قال قد طلبت المطر بمجاديح السماء التي ينزل بها القطر) إنتهى . قلت قد عنّى سيدنا عمر أنه بالإستغفار تنزل الأمطار وهو قول الله عز وجل فى سورة نوح:{ فَقُلْتُ إسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً{10} يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً{11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً{12} } وهذه المسأله مُشابهه لشبهتهم ، فهل يُمكن أن نقول أن الدُعاء فى الإستسقاء لايجوز فلو كان جائزاً لما عدل سيدنا عمر عن الدعُاء إلى الإستغفار هذا مما لايقول به جاهل فضلاً عن عالم . ب- جاء فى موطأ الإمام مالك / باب ما جاء في لبس الثياب : ((عن أنس بن مالك رأيت عمر بن الخطاب وهو يومئذ أمير المدينة وقد رقع بين كتفيه برقع ثلاث لبد بعضها فوق بعض . )) فهل يُمكننا القول أن لبس الثياب الرفيعه بغير كِبِرٍ ولا مخيله حرام لأن سيدنا عمر رضى الله عنه عدل عن لبس الثياب الحسنه مع إستطاعته لذلك فلو كان لبس الحسن من الثياب ولو من إبنه عبد الله الذى كنت له أموال ، هذا مما لايقول به جاهل فضلاً عن عالم . ج- جاء فى موطأ الإمام مالك / باب ما جاء في قيام رمضان : عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن سيدنا عمر جمع الناس لصلاة التراويح على أُبي بن كعب (( قال : ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر نعمت البدعة هذه والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون يعني آخر الليل وكان الناس يقومون أوله )) فى حديث الموطأ أن سيدنا عُمر رضى الله عنه كان لايُصلى معهم التراويح فهل نستطيع القول أن صلاة التراويح جماعه لا تجوز فلو كانت جائزه لما تركها سيدنا عُمر رضى الله عنه . كيف ذلك ؟ وهو أول من جمعهم على إمام واحد لصلاتها إذاً وبما نقلت لك من نذر يسير تعلم أخى أن ترك سيدنا عمر رضى الله عنه لأمر أو عدوله لغيره مع إستطاعته فعله لايدل على تحريم أو كراهه إلا إذا إقترن بدليل شرعى يُفيد أحدهما فأفهم تغنم . ثانياً قول سيدنا أنس : ( أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا إسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ) فقوله بالعباس يدل على أن التوسل بذات وشخص العباس إذ لو أن التوسل بدعائه لقال توسل بدعاء العباس . ثالثاً : قول سيدنا عمر ( وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا ) ولم يقل بدعاء عم نبينا . رابعاً : ما قاله العباس فى دعائه : قال الحافظ إبن حجر فى فتح البارى شرح حديث التوسل هذا : وقد بين الزبير بن بكار في الأنساب صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع فيه ذلك، فأخرج بإسناد له أن العباس لما أستسقى به عمر قال: " اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث. " قلت بماذا توجه القوم لله ياسيدى العباس ، قال: ( قد توجه القوم بي إلي الله ) ولم يقل بدعائى ، ولماذا توجه القوم لله بك ياسيدى العباس قال لمكاني من نبيه ) إذاً لخصوصيه فى ذاته وهى قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا لأنه مُجاب الدعوه . إذاً فالحديث على رواية سيدنا أنس وقول سيدنا عمر ولفظ دعاء سيدنا العباس رضى الله عن الجميع يدل على أن التوسل حقيقةً كان بسيدنا العباس لإختصاصه بمزية قرابته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس فى الحديث مايُستدل به على عدم جواز التوسل بالذوات فأفهم تغـنم .
قال الشيخ الشعراوى رحمه الله فى فى تفسيره للآيه (وإذ إستسقى موسى لقومه ) سورة البقره / 60 : قال عمر كنا نتوسل إليك برسول الله لتسقينا وإنا نتوسل بعم نبيك العباس . لماذا لأنهم فى وقت الضراعه والضراعة نشأة عن حاجه ومن المحتاجين للماء عم نبيك ، فإن كنا لانستحق عندك أى حاجه فأكرمنا عشان عم نبيك وأنزل لنا الماء ، يقوم يجى بعض الناس يقولون أن هذا دليل على أن الميت لا يستعان به ولا يتوسل به لأنو ميت بدليل أن عمر فى الإستسقاء لم يتوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم . نقول له صدقت لم يتوسل برسول الله ، وبمن توسل ؟ أبالعباس ؟ أم بعم نبيك ؟ ( بعم نبيك ) إذاً فالمسأله آلة للنبى صلى الله عليه وسلم ، إذا فقد أعطاتنا الحُجه أن الوسيله ليست بالنبى صلى الله عليه وسلم وحده بل بأقاربه ، طيب ولماذا نقل الأمر من النبى الى أقاربه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد إنتقل ولاينتفع الآن بالماء وعمه هو الحى الذى ينتفع بالماء إذاً فالذين أرادو أن يأخذو فى ذلك دليلاً على أن التوسل لاينفع بذوى الجاه عن الله بهذا الحديث نقول لهم الحديث ضدكم وليس لكم لأنه أثبت أن التوسل جائز بمن ينتسب الى رسول الله أيضاً ليس فى هذا الحديث عدم الجواز التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم بل فيه أن التوسل ليس بالنبى فقط بل بأقاربه أيضاً . تجد المقطع على اليوتوب قال الشيخ علوى المالكى رحمه الله ( ص 94 ) : وقد بعُد من الصواب كل البُعد من رمى المسلمين بالشرك بسبب ذلك مع قوله بجواز التوسل بالحى ، فان التوسل لو كان شركاً ماجاز بالحى ولا الميت ألا ترى أن إعتقاد الربوبيه وإستحقاق العباده لغير الله من نبى أو ملك أو ولى هو شرك وكفر ولايجوز هنا فى حياته الدنيا ولا الآخره ، فهل سمعت من يقول : أن إعتقاد الربوبيه لغير الله جائز إذا كان حياً أما بعد وفاته فشرك ، وقد عرفت أن إتخاذ المُعَظم وسيله الى الله تعالى لايكون عباده للوسيله إلا إذا إعتقد أنه رب كما كان شأن عُباد الأوثان مع أوثانهم فإذا لم يعتقد ذلك فيه وكان مأمورًا منه عز وجل بإتخاذه وسيله كان ذلك الإتخاذ عباده للآمر عز وجل . إنتهـى
التوسل بالصحابه والصالحين وعلماء توسلو أو قالوا بجواز التوسل بالأولياء والصالحين أو نقلوا ذلك أولاً إعلم أخى المُسلم أنّ القائلين بعدم جواز التوسل بالصالحين ليس لديهم دليل بالمنع إلا أدله يسوقونها وهى غير موضع الإستدلال أو شُبهات أجنبيه عن موضع النزاع ، وأعلم أن التوسل لله بغير النبى صلى الله عليه وسلم أمر مشهور معروف معمول به عند أمة النبى صلى الله عليه وسلم منذ القرون الفاضله كما سيأتيك ذلك عن الإمام الشافعى والإمام أحمد وإنك إن بحثت عن أقوال السابقين من أهل القرون الفاضله فى التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم والصحابه رضى الله عنهم أوالصالحين لن تجد إلا النذر اليسير لعدم جريان الخِلاف فى الجواز وإليك مثال لإشتهار التوسل بغير النبى صلى الله عليه وسلم وكثرة العمل به عند الأُمه . قال إبن الجوزى فى المنتظم / أحداث سنة سبع وستين وثلاثمائة / قال : هذه السنة جرت لأبى الحسين بن سمعون قصة عجيبة مع عضد الدولة أخبرنا بها أبو الحسن علي بن المعافة الفقيه قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الباقى البزاز قال أخبرنا القاضى أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعى إجازةً قال حدثنا أبو الحسن على بن نصر بن الصباح قال حدثنا أبو الثناء شكر العضدى قال دخل عضد الدولة الى بغداد وقد هلك أهلها قتلاً وحرقاً وجوعاً للفتن التى إتصلت فيها بين الشيعة والسُنة فقال آفة هؤلاء القُصاص يُغرون بعضهم ببعض ويُحرضونهم على سفك دمائهم وأخذ أموالهم فنادى فى البلد لا يقص أحد فى جامع ولا طريق ولا يتوسل مُتوسل بأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ومن أحب التوسل قرأ القرآن فمن خالف فقد أباح دمه ...... إنتهى ما أردنا نقله ، قلت وبهذا تعلم أنّ التوسل بالصحابه كان مُشاعاً بين أهل القرون الفاضله فأفهم تغنم . 1/ سيدي أحمد الرفاعي الكبير : وهو أحد أقطاب الصوفيه في كتابه البُرهان المؤيد يُبين فيه معنى التوسل ويشرح مشروعيته : "أي سادة " إذا إستعنتم بعباد الله وأوليائه فلا تشهدوا المعونة والإغاثة منهم ، فإن ذلك شرك ((( يعني يجب أن نعتقد أنهم ينفعون ويضرون بإذن الله لا من عندهم وهذا هو التوحيد ))) ولكن أطلبوا من الله الحوائج بمحبته لهم " رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب , لو أقسم علي الله لأبره " ( رواه احمد ومسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ) "أي ولدي " أي أخي , إذا قلت : اللهم إني أسألك برحمتك , فكأنك قلت : أسألك بولاية عبدك الشيخ منصور وغيره من الأولياء ,لان الولاية إختصــــاص (اللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) ( البقرة 105 وآل عمران 74) فإذاً إياك وإعطاء قدرة الراحم إلي المرحوم , فإن الفعل والقوة والحول له سبحانه والوسيلة رحمته التي إختص بها عبده الولي فتقرب برحمته وعنايته التي إختص بها عبده الولي فتقرب برحمته ومحبته وعنايته التي اختص بها خواص عباده إليه عند حاجتك ووحده في كل فعل , فهو غيور .انتهـى 2/ الإمام الشافعى رضى الله عنه : نقل الحافظ إبن حجر الهيثمى فى كتابه المسمى ( الصواعق المُحرقه فى الرد على أهل البدع والزندقه ) أن الإمام الشافعى رضى الله عنه قال فى أهل البيت النبوى : آل النبى ذريعتى * وهُمُ إليه وسيلتى أرجو بهم أعطى غداً * بيدى اليمين صحيفتى 3/ الإمام أحمد بن حنبل : جاء في صفة الصفوه لإبن الجوزى عن أبي بكر بن صدقة وسير أعلام النبلاء للذهبى كلاهما فى ترجمة صفوان بن سليم أن الإمام أحمد بن حنبل قال عن صفوان بن سليم : من الثقات، يستشفى بحديثه، وينزل القطر من السماء بذكره. إنتهى ، قلت ظاهر معنى قول الإمام أحمد بن حنبل أن المطر ينزل بالتوسل لله به فى الدُعاء وهو من جنس قول القاضى إبن خلكان فى كتابه وفيات الاعيان عند ترجمته لمعروف الكرخى : كان مُجاب الدعوه وأهل بغداد يستسقون بقبره ويقولون قبر معروف الترياق المُجرّب فأفهم تغنم . 4/الشيخ محمد بن على الشوكانى : قال فى رسالته ( الدُر النضيد فى إخلاص كلمة التوحيد ) : أما التوسل إلى الله تعالى بأحد من خلقه فى مطلب يطلبه العبد من ربه فقد قال الشيخ عزالدين بن عبدالسلام : أنه لايجوز التوسل إلى الله تعالى إلا بالنبى صلى الله عليه وسلم إن صح الحديث فيه . ولعله يشير إلى الحديث الذى أخرجه النسائى فى سننه والترمذى وصححه ابن ماجه وغيرهم أن أعمى أتى النبى صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث ، قال : أن للناس فى معنى هذا قولان : أحدهما أن التوسل هو الذى ذكره عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما قال : كنا اذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا وهو فى صحيح البخارى وغيره ،فقد ذكر عمر رضى الله عنه أنهم كانو يتوسلون بالنبى صلى الله عليه وسلم فى حياته فى الاستسقاء ثم توسل بعمه العباس بعد موته وتوسلهم هو استسقاؤهم بحيث يدعو ويدعون معه فيكون هو وسيلتهم إلى الله تعالى والنبى صلى الله عليه وسلم كان فى مثل هذا شافعاً وداعياً لهم . والقول الثانى : أن التوسل به صلى الله عليه وسلم يكون فى حياته وبعد موته وفى حضرته ومغيبه ، ولا يخفاك أنه قد ثبت التوسل به صلى الله عليه وسلم فى حياته ، وثبت التوسل بغيره بعد موته بإجماع الصحابه رضوان الله عليهم أجمعين إجماعاً سكوتياً لعدم إنكار أحد منهم على عمر رضى الله عنه فى توسله بالعباس رضى الله عنه ، وعندى أنه لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم كما زعمه الشيخ عزالدين بن عبدالسلام لأمرين : الأول: ماعرفناك به من إجماع الصحابه رضى الله عنهم. الثانى : أن التوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو فى التحقيق توسل بأعمالهم الصالحه ومزاياهم الفاضله إذ لايكون الفاضل فاضلاً إلا بأعماله ، فإذا قال القائل : اللهم إنى أتوسل اليك بالعالم الفلانى فهو إعتبار ماقام به من العلم ، وقد ثبت فى الصحيحين وغيرهما أن النبى صلى الله عليه وسلم حكى عن الثلاثه الذين إنطبقت عليهم الصخره أن كل واحد منهم توسل إلى الله بأعظم عمل عمله فأرتفعت الصخره ، فلو كان التوسل بالأعمال الفاضله غير جائز أوكان شركاً كما زعمه المتشددون فى هذا الباب كإبن عبدالسلام رحمه الله ، ومن قال بقوله من أتباعه لم تحصل الإجابه لهم ولاسكت النبى صلى الله عليه وسلم عن إنكاره مافعلوه بعد حكايته عنهم . (( مفاهيم يجب أن، تصحح ص 78 / 80 )) 5/ إبن الجوزى : أورد فى كتاب مناقب الإمام أحمد بن حنبل (ص 297 ) : عن عبد الله بن موسى أنه قال :خرجت أنا وأبي في ليلة مظلمة نزور « أحمد » فاشتدت الظلمة ، فقال أبي : يا بني تعال حتى نتوسل إلى الله تعالى بهذا العبد الصالح حتى يضاء لنا الطريق ، فمنذ ثلاثين سنة ما توسلت به إلا قضيت حاجتي فدعا أبي وأمنت على دعائه، فأضاءت السماء كأنها ليلة مقمرة حتى وصلنا إليه ) انتهـى وشاهدنا أن نقل إبن الجوزى لهذه القصه وعدم الإعتراض عليها وعدها من مناقب الأمام أحمد يدُل على أنه يقول بجواز التوسل فى الدعاء بالصالحين فأفهم تغنم . 6/ القاضى إبن خلكان : قال فى كتابه وفيات الأعيان / ترجمة أبو سعد بن عصرون متحدثاً عن فقده بوفاته : وقد ساءتني الغيبة عن مشهده وتغبير القدم وراء سريره والتوسل إلى الله في ساعة مقدمه ....... وقد أسلفت لك توسل عُلماء بالصالحين :كإبن الجزرى فى كتابه الحصن الحصين وإبن حاج المالكى فى كتابه المُدخل ، وتوسل بالصحابه والآل بدر الدين العينى ومحمد بن عبد الرحمن السخاوى والقرطبى فراجع مانقلته لك عنهم فى فصل //علماء توسلو // وجمعٌ من أئمة العلم والتصوف الأكارم مما يضيق المكان بحصرهم .
الرد على دعاوى المُنكرين التوسل إلى الله تعالى بالصالحين قال الشوكانى : وبهذا تعلم أن مايورده المانعون للتوسل بالأنبياء والصالحاء من نحو قوله تعالى : { أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }الآية : [4] الزمر ونحو قوله تعالى : {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن : 18] ونحو قوله تعالى ( له دعوة الحق والذين من دونه لا يستجيبون لهم بشئ) الرعد 14 ، ليس بوارد بل هو من الإستدلال على محل النزاع بما هو أجنبى عنه ، فان قولهم : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى زلفى ، مصرح بأنهم عبدوهم لذلك ، والمتوسل بالعالم مثلاً لم يعبده بل علم أن له مزيه عندالله بحمله العلم فتوسل به لذلك ، وكذلك قوله : ( فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) فانه ينهى عن أن يدعى مع الله غيره كأن يقول بالله وبفلان ، والمتوسل بالعالم مثلاً لم يدع إلا الله فإنما وقع منه التوسل عليه بعمل صالح عمله بعض عباده كما توسل الثلاثه الذين إنطبقت عليهم الصخره بصالح أعمالهم : الآية : 20 النحل {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} فان هؤلاء دعو من لا يستجيب لهم ولم يدعوا ربهم الذين لهم ، والمتوسل بالعالم مثلاً لم يدع إلا الله ولم يدع غيره دونه ولا دعاء غيره معه ، فاذا عرفت هذا عليك دفع ما يورده المانعون للتوسل من الأدله الخارجه عن محل النزاع خروجاً زائداً على ماذكرناه كإستدلالهم بقوله تعالى : ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ 18 ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ 19 يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ) فان هذه الآيه الشريفه ليست فيها دلاله إلا أنه تعالى هو المنفرد بالأمر فى يوم الدين وأنه ليس لغيره من الأمر شئ ، والمتوسل بنبى من الأنبياء أو عالم من العلماء هو لا يعتقد أن لمن توسل به مشاركه لله جل جلاله فى أمر يوم الدين ، ومن إعتقد هذا هذا لعبد من العباد سواء كان نبياً أو غير نبى فهو فى ضلال مبين ، وهكذا الإستدلال على منع التوسل بقوله : ( ليس لك من الأمر شى ) الآية : 188 {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ ) فان هاتين الآيتين مصرحتان بأنه ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر الله شئ وأنه لايملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فكيف يملك لغيره ، وليس فيهما منع التوسل به أو بغيره من الأنبياء أو العلماء ، وقد جعل الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم المقام المحمود مقام الشفاعه العظمى وأرشد الخلق إلى أن يسألوه ذلك ويطلبوه منه ، وقال له : سل تعطه وأشفع تشفع ، قال ذلك فى كتابه العزيز بأن الشفاعه لاتكون إلا باذنه ولاتكون إلا لمن إرتضى ، وهكذا الإستدلال على منع التوسل بقوله صلى الله عليه وسلم لما نزل قوله تعالى : {وَأَنذِر عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} يا فلان بن فلان لا أملك لك من الله شيئا ، فان هذا ليس فيها إلا التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم لايستطيع نفع من أراد الله ضره ولا ضر من أراد الله نفعه وأنه لايملك لأحد من قرابته فضلاً عن من غيرهم شيئا من الله ، وهذا معلوم لكل مسلم ، وليس فيه أنه لايتوسل به إلى الله فان ذلك هو طلب الأمر ممن له الأمر والنهى وإنما أراد أن يُقدم بين يدى طلبه مايكون سبباً للإجابه ممن هو المنفرد بالعطاء والمنع وهو مالك يوم الدين . إنتهى كلام الشوكانى (( مفاهيم يجب أن، تصحح ص 78 / 80)) . قالـو : لماذا تجعلون واسطه بقولكم اللهم إنى أسألك بفلان عبدك ؟ والله لايحتاج الى الواسطه يُجاب على ذلك بـ : ما قال د . علوى المالكى عليه رحمة الله : إن الواسطه بمعنى المُعين والمُساعد مُحال بالنسبه لله تعالى ، أما إذا كانت بمعنى السبب فالشرع لا يأباه والعقل لا ينفيه لأن الله خلق الأسباب والمُسبابات والتوسل الى الله بمن يحبه الله ، فهو يتوسل بسبب المحبه ، ولاشك أن الأنبياء هم أولى الناس بمحبة الله لإصطفائه لهم ، والأولياء لحسن الظن بهم فان الله قد جعل التوسل بالأنبياء والأولياء سبباً لنفع المتوسلين ، ولو لا أن التوسل سبب من أسباب الإنتفاع ماعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعمى ، ثم إن الله تعالى خالق التوسل وخالق والنفع الذى يحصل به بإذنه ، فالتوسل بالأنبياء والأولياء من باب الأخذ بالأسباب ، لأن الأسباب إما ضروريه كالأكل والشرب وإما غير ضروريه كالتوسل وكلاهما من جُملة الأسباب ، والمؤمن الذى يتوسل بالأنبياء والأولياء لايعتقد أن كونهم وسيله بينه وبين الله بمعنى أن الله يستعين بهم فى إيصال النفع للمتوسل أو أنه لا يستقل بذلك ، بل يراهم أسباب لحصول النفع بإذن الله ، فإن مقصود التوسل قد يحصل وقد لايحصل . فخلاصة القول : أن قول المنكرين لم لاتطلبون حاجتكم من الله من غير واسطه كلام لامعنى له ، لأن الشرع رخص للمؤمن أن يطلب من الله حاجته بدون توسل أو أن يطلب حاجته مع التوسل فالذى يقول اللهم انى أسألك بنبيك أو بجاه نبيك ونحو ذلك فقد سأل الله ، كما أن الذى يقول اللهم إنى أسألك كذا وكذا فقد سأل الله ، فكلا الأمرين من العبد لربه وكلاهما داخل تحت حديث : ( إذا سألت فأسأل الله ) فالله سبحانه وتعالى جعل النبى الكريم صلى الله عليه وسلم وسيلةً وسبباً فى تبليغ الأحكام الى عباد الله سبحانه وهو الذى جعله وسيلةً وسبباً فى اللجؤ اليه صلى الله عليه وسلم فى كشف الضر عنهم .إنتهى قلت : وقد دلانا على جواز ذلك بحديث الأعمى . قالـو : قال الله تعالى فى سورة البقره الآيه 186: :{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} فلماذا تتوسلو ولاتسألو الله مُباشره وقد قال الله أنه قريب يُجيب الداعى إذا دعاه. نجيب بـ : أن التوسل ضرب من ضروب الدعاء التى سناها رسول الله e ، وأن التوسل بالنبى e والصالحين مثل التوسل بالأعمال كما جاء فى الصحيحين قصة الثلاثه الذين أطبقت عليهم الصخره الذى جاء فيه ( فقالوا:إنه لا يُنجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم ) فتوسلو بأعمالهم فأحدهم توسل ببره لوالديه فأنفرج عنهم بعض الصخره والثانى توسل بتركه الزنى وهو يقدر عليه إبتغاء وجه الله فأنفرج عنهم بعضها والثالث بأمانته وحفظ حق الآخرين لوجه الله فأنفرجت الصخره وخرجوا يمشون فهل يمكن أن نقول لهم لماذا توسلتم باأعمالكم أتركوا ذلك وأدعو الله مباشره فهو قريب يُجيب دعوة الداع إذا دعاه ؟ . قصة التوسل بالإمام البُخارى رحمه الله قد نقل الذهبى فى كتابه سير أعلام النُبلاء / ترجمة الإمام البُخارى/ قصة التوسل بالإمام البخارى : قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ: أَخبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ نَصرُ بنُ الحَسَنِ السَّكتِيُّ السَّمرقندِيُّ، قَدِمَ عَلَينَا بَلَنسِيَةَ عَامَ أَربَعِينَ وَسِتِّيْنَ وَأَربَعِ مائَةٍ، قَالَ: قَحطَ المَطَرُ عِندنَا بِسَمَرقَندَ فِي بَعْضِ الأَعْوَامِ، فَاستسقَى النَّاسُ مِرَاراً، فَلَم يُسقَوا، فَأَتَى رَجُلٌ صَالِح مَعرُوف بِالصَّلاَحِ إِلَى قَاضِي سَمَرقَندَ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي رَأَيتُ رأْياً أَعرضُهُ عَلَيْكَ.قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تخرجَ وَيخرجَ النَّاسُ مَعَكَ إِلَى قَبْرِ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ، وَقبرُهُ بخَرتَنك، وَنستسقِي عِندَهُ، فعسَى اللهُ أَن يَسقِينَا.َقالَ: فَقَالَ القَاضِي: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ. فَخَرَجَ القَاضِي وَالنَّاسُ مَعَهُ، وَأستسقَى القَاضِي بِالنَّاسِ، وَبَكَى النَّاسُ عِندَ القَبْرِ، وَتشفَّعُوا بصَاحِبِهِ، فَأَرسلَ اللهُ -تَعَالَى- السَّمَاءَ بِمَاءٍ عَظِيمٍ غَزِيرٍ أَقَامَ النَّاسُ مِن أَجلِهِ بِخَرتَنك سَبعَةَ أَيَّامٍ أَوْ نحوَهَا، لاَ يَسْتَطيعُ أَحَدٌ الوُصُوْلَ إِلَى سَمَرقَندَ مِن كَثْرَةِ المَطَرِ وَغزَارتِهِ، وَبَينَ خرتنك وَسَمَرْقَنْد نَحْوَ ثَلاَثَةَ أَمِيَالٍ . وبهذا تعلم أخى المُسلم أن الأمر فى التوسل ليس كما يُصّوره لك المُنتقد وأن القول بالجواز هو الراجح وله من الكتاب والسُنه وأقوال أهل العلم ما يؤيده وأن المُعترض والقائل بعدم جواز التوسل ليس لديه مايسنده من الأدله الشرعيه إلا الظن والشُبهات وقد رردنا عليه وبينا لك ضعف قوله فلم يبقى إلا قصد الإنقاص من قدر المُصطفى صلى الله عليه وسلم وإبعاد الأمة عن نبيها فنسأل الله السلامه . | |
|
غريسي أحمد عضو نشيط جدا
عدد الرسائل : 45 العمر : 36 الموقع : الوادي حاسي خليفة العمل/الترفيه : طالب جامعي المزاج : سلام قول من رب رحيم كيف تعرفت علينا : قوقل تاريخ التسجيل : 25/07/2010
| موضوع: رد: جواز التوسل بالنبىّ صلى الله عليه وسلم والصالحين ـ 2 ـ الأربعاء 7 مارس - 17:39 | |
| | |
|
عبد الله التجانى عضو نشيط جدا
عدد الرسائل : 53 العمر : 49 كيف تعرفت علينا : قوقل تاريخ التسجيل : 24/01/2012
| موضوع: رد: جواز التوسل بالنبىّ صلى الله عليه وسلم والصالحين ـ 2 ـ الثلاثاء 1 أكتوبر - 15:40 | |
| اخى الفاضل زادك الله حرصا ورفع درجتك وجعلك أحد الناصرين للحق الموفقين المؤيدين أرجو ان تتابع وتشارك معنا فى الصفحة الصوفيه لرد دعاوى الوهابية على الرابط : https://www.facebook.com/elda3waelsofia وسوف تجد فوائد جمه وفقك الله وسدد خطاك وزاد شغفك لطلب المعرفة الصحيحه مع تمام الفهم وكمال الحفظ | |
|